القطاع الخاص  والاستجابة لالتزامات حقوق الإنسان

الفرص والتحديات في ضوء ” قواعد الامم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق الإنسان

 والاتفاق العالمي للأمم المتحدة “[1]

تمهيد

هناك علاقة تكاملية بين مسئولية الشركات والقطاع الخاص  من جانب ومسئولية الحكومات عن حقوق الإنسان من جانب، فالدولة مسئولة عن  ” حماية” حقوق الإنسان واتخاذ تدابير وقائية تمنع قيام طرف ثالث كالشركات التجارية بانتهاك حقوق الإنسان، والشركات ملزمة ” باحترام” حقوق الإنسان في ممارساتها واعمالها ، فضلا عن مسئولية الطرفين في اتاحة سبل الانتصاف وجبر الضرر في حالة التعرض لانتهاكات حقوق الإنسان .

لا تقتصر مسئولية  الشركات عن احترام حقوق الإنسان فقط على مراعاة الحقوق المتعلقة بالعاملين فيها، لكنها تتجاوزها الي المجتمعات التي تعمل فيها، وسلاسل التوريد والامداد التي تنتهي عندها ، والاسواق التي تصل اليها، بل وتوظيف الدور المحوري لها في تشجيع الحكومات على حماية حقوق الإنسان .

وقد شهد العقدين الأخيرين  تزايدا ملحوظا في اهتمام الشركات ومؤسسات الأعمال التجارية عبر العالم   بقضايا  حقوق الإنسان والعمل والبيئة ومكافحة الفساد  خاصة في ضوء ارتباط هذه القضايا  بأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة SDGs ، ويستند هذا الاهتمام المتصاعد الي إطارين متكاملين تتبناهما الأمم المتحدة على نطاق واسع وهما الاتفاق العالمي للأمم المتحدة  UN Global Compact  الذي تم اطلاقه عام 1999  لتحفيز الشركات على مواءمة  استراتيجياتها وعملياتها مع عشرة مبادئ عالمية تتعلق بحقوق الإنسان، والعمل، والبيئة ومكافحة الفساد، ، والقواعد التوجيهية المتعلقة بمسؤوليات الشركات وغيرها من مؤسسات الأعمال في مجال حقوق الإنسان  والتي تبنتها الأمم المتحدة  من خلال مجلس حقوق الإنسان عام 2011  وتنص على التزامات الدول والشركات بشأن  حماية واحترام حقوق الإنسان في سياق الأعمال التجارية  .

تتناول الورقة الحالية توصيفا للأسس الحاكمة لعلاقة الشركات التجارية ومؤسسات الاعمال بقضايا حقوق الإنسان، وتقييم مدى تفاعل مؤسسات الاعمال العربية والمصرية مع هذه القضية ، وتحليلا للفرص التي يمكن توظيفها لزيادة معدلات التزام الشركات ومؤسسات الاعمال المصرية  بقضايا حقوق الإنسان والإجراءات المطلوبة في هذا الصدد .

 

الاساس القانوني والقواعد الحاكمة لالتزامات الشركات بمعايير حقوق الإنسان

تتأسس مسئولية الشركات التجارية والقطاع الخاص  عن  احترام وتعزيز حقوق الإنسان، على إطار الأمم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق الإنسان “الحماية والاحترام والانتصاف” (2008) والمبادئ التوجيهية المصاحبة له والتي تبناها مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة (2011) ، فضلا عن الاتفاق العالمي للأمم المتحدة UN Global Compact  والذي تم اطلاقه عام 1999 لدعوة الشركات لمواءمة استراتيجياتها وعملياتها مع عشرة مبادئ عالمية تتعلق بحقوق الإنسان، والعمل، والبيئة ومكافحة الفساد، واتخاذ الإجراءات التي تعزز الأهداف المجتمعية وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة (SDGs). م

وفقا للقواعد المتعلقة بمسؤوليات الشركات عبر الوطنية وغيرها من مؤسسات الأعمال في مجال حقوق الإنسان فإن الدولة  تتحمل المسؤولية الرئيسية عن تعزيز حقوق الإنسان المعترف بها في القانون الدولي وكذلك في القانون الوطني وعن تأمين إعمال هذه الحقوق واحترامها وضمان احترامها وحمايتها، بما في ذلك ضمان أن تحترم الشركات عبر الوطنية وغيرها من مؤسسات الأعمال حقوق الإنسان، الا أن ذات القواعد تطالب مؤسسات الأعمال أن تعمل على تعزيز وحماية وإعمال حقوق الإنسان المعترف بها في القانون الدولي والقانون الوطني، وتتمثل أهم التزامات الشركات في هذا الصدد فيما يلي :-

  • ضمان تكافؤ الفرص والمعاملة على النحو المنصوص عليه في الصكوك الدولية والتشريعات الوطنية ذات الصلة وكذلك في القانون الدولي لحقوق الإنسان، لأغراض القضاء على كافة أشكال التمييز.
  • ضمان الحق في سلامة الاشخاص من خلال عدم ممارسة او استغلال ايا من الجرائم المنصوص عليها في الشرعة الدولية لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني ، وضمان توافق ترتيبات الامن لدى الشركات مع معايير حقوق الإنسان الدولية والقوانين والمعايير المهنية السارية.
  • ضمان حقوق العمال بما يشمل عدم استخدام السخرة أو العمل الجبري ، حماية الاطفال من الاستغلال الاقتصادي،توفير بيئة عمل صحية وامنة ، دفع اجور عادلة تسمح بتوفير مستوى معيشي ملائم، كفالة الحريات النقابية والحق في المفاوضات الجماعية
  • احترام السيادة الوطنية وحقوق الانسان ويشمل ذلك الالتزام بالشفافية والمساءلة وحظر الفساد، وسلطة البلدان التي تعمل فيها هذه المؤسسات، كما يشمل احترام جملة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية  المنصوص عليها .
  • الالتزام بحماية المستهلك من خلال تبني ممارسات نزيهة في مجال الأعمال التجارية والتسويق والإعلان وضمان سلامة وجودة السلع والخدمات التي توفرها.
  • الالتزامات المتعلقة بحماية البيئة والصحة والسلامة العامة واخلاقيات علم الاحياء واهداف التنمية المستدامة .
  • تقدم الشركات عبر الوطنية وغيرها من مؤسسات الأعمال تعويضاً عاجلاً وفعالاً وكافياً إلى الأشخاص والكيانات والمجتمعات المحلية المتضررة من جراء عدم الامتثال لهذه القواعد
  • تتبني الشركات أنظمة داخلية للعمل تتوافق مع هذه القواعد ، وتقديم تقارير دورية عن هذه القواعد ، واتخاذ تدابير لتنفيذها تنفيذاً كاملاً ،وإدراجها في عقودها أو في ترتيباتها أو معاملاتها الأخرى مع المتعاقدين أو مقاولي الباطن أو الموردين أو الحائزين على التراخيص أو الموزعين أو الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين الذين يبرمون معها اتفاقات، كما تخضع مؤسسات الأعمال لعمليات مراقبة وتحقق دورية من جانب الأمم المتحدة وآليات دولية ووطنية أخرى بما في ذلك افادات المنظمات غير الحكومية .

فيما يتعلق بالاتفاق العالمي للأمم المتحدة UN Global Compact  ، فإنه يتضمن 10 مبادىء  مستمدة من الاتفاقيات والمواثيق الرئيسية للأمم المتحدة وهي:

 

  • يجب على الشركات دعم واحترام حماية حقوق الإنسان المعترف بها دولياً؛
  • التأكد من أن الشركات ليست متواطئة في انتهاكات حقوق الإنسان.
  • يجب أن تدعم الشركات حرية تكوين الجمعيات ( النقابات) والاعتراف الفعلي بالحق في المفاوضة الجماعية)
  • القضاء على جميع أشكال العمل القسري والإجباري؛
  • الإلغاء الفعلي لعمل الأطفال؛
  • القضاء على التمييز فيما يتعلق بالتوظيف والمهن.
  • يجب أن تدعم الشركات نهجاً احترازياً إزاء التحديات البيئية؛
  • القيام بمبادرات لتعزيز قدر أكبر من المسؤولية البيئية؛
  • تشجيع تطوير ونشر التقنيات الصديقة للبيئة.
  • يجب أن تعمل الشركات على مكافحة الفساد بجميع أشكاله، بما في ذلك الابتزاز والرشوة.

تقييم مدى اهتمام مؤسسات الأعمال والقطاع الخاص المصري بتبني وتطبيق قواعد حقوق الإنسان

على الرغم من الاهتمام المتزايد بمسئولية الشركات التجارية عن حقوق الإنسان على المستوى الاممي،إلا أن الواقع في  المنطقة العربية وافريقيا يشير الي أن هذه القضية لم تحظي بالاهتمام الكافي ، ولم يتم طرحها على نطاق واسع بالشكل الذي يساهم في تقييم وتحسين الاطار التنظيمي الوطني للحماية من انتهاكات حقوق الإنسان في سياق الاعمال التجارية،وتعزيز  ممارسة القطاع الخاص لمسئولياته  المتعلقة باحترام جقوق الانسان بما يتوافق مع إطار عمل الامم المتحدة.

فيما يتعلق بمصر يبلغ عدد الشركات ومؤسسات الأعمال المصرية التجارية وغير التجارية  المنضمة للاتفاق العالمي للأمم المتحدة 92 كيان من بينهم 8 منظمات أهلية غير حكومية وغير ربحية، وثلاث هيئات حكومية  تنظيمية غير تجارية ، واثنين من الغرف التجارية والاتحادات ، و7 مؤسسات اكاديمية وتعليمية، 5 بنوك، والباقي من شركات القطاع الخاص التي يعمل معظمها في المقاولات والاستثمار العقاري والصناعة والحلول التكنولوجية والاستشارات الموجهه لقطاع الاعمال .

مقارنة بباقي دول المنطقة العربية والافريقية ، فإن ترتيب مصر وفقا لهذا المحور على المستوى الاقليمي يعد متقدم الي حد كبير ، حيث تأتي مصر في الترتيب الثالث  على مستوى الدول العربية  بعد لبنان (193 مؤسسة) الامارات العربية المتحدة (183 مؤسسة) ، ثم مصر (92 مؤسسة)، وتسبق تونس (60 مؤسسة) ، السعودية (47 مؤسسة)  والاردن (43 مؤسسة ) والمغرب (27 مؤسسة) والكويت (27 مؤسسة) ،وقطر  (19 مؤسسة)، والسودان (17 مؤسسة) وسوريا (15 مؤسسة) والعراق (14 مؤسسة) وجنوب السودان (10 مؤسسات) ، اليمن (8 مؤسسات)، سلطنة عمان (7 مؤسسات) ، البحرين ( 7 مؤسسات)  فلسطين ( 7 مؤسسات)، ليبيا ( 3 مؤسسات) والصومال ( 3 مؤسسات)، بينما ليس هناك اي منظمة منضمة من الجزائر وموريتانيا .

وبشكل عام يبلغ عدد  المؤسسات العربية المنضمة للاتفاق العالمي  (802 مؤسسة) بنسبة حوالي 3.7% من اجمالي المؤسسات المنضمة حول العالم .

كما تاتي  مصر في المركز الثالث أفريقيا  بعد كينيا ( 287 مؤسسة)، ونيجريا (131 مؤسسة) وبالتساوي مع جنوب افريقيا ( 92 مؤسسة) .

ولو قمنا بتوسيع النطاق الاقليمي الذي يمكن ان تقارن في سياقه مصر، سنجد ان اقبال مؤسسات الاعمال التجارية وغير التجارية المصرية على الانضمام للاتفاق العالمي واعلان الالتزام بقواعد الامم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق الإنسان ، أكبر بكثير من التزام دول أخرى مهمة في المنطقة  كتركيا  التي لم تنضم ايا من مؤسساتها للاتفاق العالمي ، واسرائيل التي لم ينضم منها سوى 22 مؤسسة فقط فقط وايران التي لم ينضم منها سوى خمس مؤسسات .

وحتى بمقارنة  مصر مع دول متقدمة اقتصاديا في اسيا  وافريقيا سنجد أن الصين والهند واليابان فقط هم من يتفوقوا في اعداد المؤسسات المنضمة للاتفاق العالمي ويسبقوا كينيا و لبنان والامارات ومصر وجنوب افريقيا ، اخذا في الاعتبار التفاوت الشاسع في اعداد المؤسسات التجارية في الصين والهند واليابان مقارنة بمصر .

وبشكل عام تبلغ نسبة المؤسسات المصرية من اجمالي المؤسسات المنضمة للاتفاق  العالمي ( 21400 مؤسسة حول العالم)  0.4% ، بينما تشكل نسبة المؤسسات المصرية من إجمالي المؤسسات العربية الأعضاء 11% .

إلا إنه بشكل مطلق، واتساقا مع ما تمثله مصر من ثقل عربي وافريقي واقليمي وما لها من ريادة وسبق في الالتزام بقواعد واتفاقيات حقوق الإنسان مقارنة بباقي دول المنطقة ، فإن هناك حاجة لمزيد من العمل على توسيع نطاق وزيادة أعداد مؤسسات الاعمال المصرية المنضمة للتفاق العالمي والملتزمة بقواعد الامم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق الإنسان .

من شأن توسيع نطاق المبادرة   بتبني وتطبيق  اطار الامم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق الإنسان في مصر، التأثير ايجابا على قدرة ودور القطاع الخاص في تحقيق التنمية المستدامة في مصر، وبالتبعية التأثير الايجابي على فرص نمو القطاع الخاص في حد ذاته، خاصة في ظل التوسع العالمي في الالتزام بمبادىء ومعايير حقوق الإنسان في سياق الاعمال التجارية.

وفقا للشواهد، فإن التحديات  الرئيسية التي يجب التغلب عليها لتعزيز  مبادرة القطاع الخاص المصري  بالالتزام بإطار  الامم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق الانسان  تتمثل في نقص الوعي بالموضوع ، ضعف الاطار التنظيمي وغياب الالزام القانوني، ضعف دور منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان في الدعوة لتبني الاطار، السمة التاريخية للقطاع الخاص المصري التي تشير الى عدم انخراطه بشكل مباشر في قضايا حقوق الإنسان .

الفرص وتحليل الطلب الحالي لدى القطاع الخاص المصري  نحو الالتزامات الحقوقية

برغم التحديات المشار اليها هناك فرص مواتية يمكن الاستفادة منها والبناء عليها للمساهمة في ” التأسيس ” لممارسات مستجيبة لمعايير حقوق الإنسان في الشركات  التجارية ومؤسسات القطاع الخاص في مصر ، والبدء في اتخاذ خطوات مشجعة نحو تحسين الالتزام بمبادىء الأمم المتحدة التوجيهية  للاعمال التجارية وحقوق الإنسان ، وتمكين القطاع الخاص المصري من زيادة مساهماته في تحقيق التنمية المستدامة.

وعلى الرغم من ان الفرص المشار اليها لا تندرج دائما  بشكل واضح تحت عناوين ومصطلحات صريحة متعلقة ” بمعايير حقوق الإنسان” ، إلا أن محتوياتها ومضامينها تتقارب وتتقاطع الي حد كبير مع  ” متضمنات” إطار الأمم المتحدة للأعمال التجارية وحقوق الإنسان، والمرجعيات الحقوقية الأساسية التي يستند اليها ، وتتمثل اهم هذه الفرص والمبادرات فيما يلي :-

أولا : الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان

توفر الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، بوصفها أول وثيقة وطنية شاملة تتضمن توجهات محددة في مجال حقوق الإنسان، فرصة لدعم مساهمة القطاع الخاص في تنفيذ التزامات حقوق الإنسان ورفع القدرات الوطنية في هذا المجال ، وتتضمن الاتفاقية مجموعة من النتائج المتوقعة التي تتلاقي مع متضمنات إطار الأمم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق الإنسان، وذلك كالتالي:-

 

المحور البنود النتائج المخططة وفقا للاستراتيجية
الحقوق المدنية والسياسية حق تكوين النقابات العمالية والانضمام اليها

–             زيادة قدرات النقابات واللجان النقابية في مجالات المفاوضة الجماعية، وتسوية المنازعات ،الفردية والجماعية، وابرام اتفاقيات العمل الجماعية.

–              بناء قدرات  جميع الأطراف المعنية لدعم تنفيذ الأطر القانونية ذات الصلة بتيسير تسجيل وتوفيق أوضاع النقابات العمالية وفقًا للمحددات القانونية

الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الحق في الصحة –             الحد من الآثار المحتملة للتغيرات المناخية على التنوع البيولوجي، وخدمات النظم الإيكولوجية، وزيادة مشاركة القطاع الخاص في مجال التعامل مع التغيرات المناخية .
الحق في العمل

–              تفعيل دور القطاع الخاص في إعمال الحق في العمل

–             تعزيز معايير العمل اللائق، وبخاصة فيما يتعلق بتوفير ظروف عمل آمنة وصحية، وضمان توفير أجور عادلة، وتعزيز آليات الوساطة والتحكيم، وفض منازعات العمل الجماعية، بما يعزز حقوق العمال.

 

الحقوق الثقافية –             تطوير التشريعات المتعلقة بحماية الملكية الفكرية والتنافسية؛ لتوفير بيئة تمكن الصناعات الثقافية.
حقوق المرأة والطفل وذوي الاعاقة وكبار السن حقوق المرأة

–             تحقيق تكافؤ الفرص للعمل في كافة القطاعات و الصناعات والمهن والاستفادة من قرارات وزارة القوى العاملة التي رفعت الحظر على مشاركة المرأة في بعض الصناعات وفي أوقات العمل لياً ، وتعزيز دور وحدات تكافؤ الفرص.

–             توحيد اجازات  الأمومة في القطاعين العام والخاص،  منع التمييز القائم على الجنس فيما يتعلق بالوصول إلى القروض والتمويل ، والنص على مبدأ المساواة في الأجر عن العمل ذي القيمة المتساوية

–             اقتراح  سياسات وإجراءات لمكافحة التحرش والمضايقات في أماكن العمل، والنص عليها في قانون العمل

حقوق الطفل –             الحد من استمرار الممارسات التي تندرج تحت أسوأ أشكال عمالة الأطفال، وتعزيز إنفاذ القوانين المنظمة لتشغيل الأطفال
حقوق ذوي الاعاقة –             تعزيز وزيادة تطبيق النسبة القانونية 5% المقررة لتشغيلهم وفقًا لقانون الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل كامل، وخفض ساعات عملهم، ساعة يوميًا، وزيادة الاجازات  مدفوعة الأجر

 

ثانيا : الزام الشركات  بالافصاح البيئ  والمجتمعي والحوكمة المتعلقة بالاستدامة والافصاح عن الاثار المالية للتغير المناخي

اصدرت هيئة الرقابة المالية القرار رقم 108 لسنة 2021 لالزام الشركات المقيدة في البورصة  بتقديم تقارير الافصاح  البيئي والاجتماعي والحوكمة ذات الصلة بالاستدامة Environmental Social and Governance (ESG) ، كما يشمل نطاق التطبيق الشركات الخاضعة لرقابة الهيئة التي يزيد رأسمالها عن 100 مليون جنيه ( شركات التأمين ، التمويل العقاري ، الاقراض). ، كما الزم القرار الشركات التي يزيد راسمالها او اسهمها المتداولة  عن 500 مليون جنيه  بتقديم الافصاحات عن الاثار المالية للتغيرات المناخيةTask Force on Climate Financial Disclosure (TCFD)

وتتضمن المعايير المحددة للافصاح  مجموعة من المعايير التي تتلاقي مع متضمنات اطار الامم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق الانسان وهي: التنوع بين الجنسين ونسبة الأجور ،معدل دوران العاملين، عدم التمييز، المعايير العالمية للصحة والسلامة المهنية، عمالة الأطفال والعمالة الجبرية، حقوق العمال، تنوع مجلس الإدارة، الرشوة / مكافحة الفساد السلوك الاخلاقي وميثاق الشرف، خصوصية البيانات ، فضلا عن ما تتضمنه معايير الافصاح عن الاثار المالية للمناخ من جوانب مرتبطة بالحقوق المناخية ( الحوكمة ، تحديد وادارة المخاطر المناخية).

 

 

ثالثا : متطلبات التوافق مع اسواق التصدير التي تشترط تطبيق المعايير الاجتماعية والبيئية

ترتبط مصر باتفاقية شراكة مع التتحاد ا الاوروبي ، ويعد الاتحاد الاوروبي الشريك التجاري الاكبر لمصر، ووفقا للبند الثاني من الاتفاقية ، تقوم العلاقات بين الطرفين وكذلك كافة أحكام هذا الاتفاق على احترام المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان الأساسية كما هى مبينة فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، والذي يرشد سياساتهما الداخلية والدولية ويشكل عنصرا أساسيا لهذا الاتفاق ” ، كما تشترط عدد من الدول الاوروبية تطبيق الشركات المصدرة والتي لديها سماح بالنفاذ للاسواق الاوروبية لمعايير العمل اللائق ومعايير الادارة البيئية والاستدامة .

ويشكل ذلك فرصة جيدة للعمل مع هذه الشركات والغرف التجارية والمجالس التصديرية التي تتمتع بعضويتها  لمساعدتها على تبني وتطبيق  اطار الامم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق الانسان .

رابعا :  التزام  بعض المؤسسات المصرفية بمعايير خط الاستواء

تزايد اهتمام البنوك والمؤسسات المصرفية ومؤسسات القطاع الخاص  المصرية بتبني  المبادىء  والمعايير الدولية المحققة للاستدامة والتي تتعامل مع المخاطر الاجتماعية والبيئية لتمويل المشاريع ، وتعد المبادىء القارية او مبادىء خط الاستواء ، Equator Principles نموذجا ملهما ، وهي مبادئ وضعت من قبل مجموعة من المؤسسات المالية، هذه المبادئ التوجيهية تقدم إطارا لمعالجة المخاطر البيئية والاجتماعية في تمويل المشروعات ،  الغرض من المبادئ هو أن تحجب مشاريع تؤثر سلبيا على البيئة أو الإنسان من أجل الحفاظ على المجتمعات والموائل الطبيعية. وقد تم لاحقًا تحديث المعايير بشكل دوري  لتتوافق مع  معايير أداء مؤسسة التمويل الدولية  بشأن الاستدامة الاجتماعية والبيئية

حتى 2021 ، اعتمدت 126 مؤسسة مالية في 38  دولة اعتمادًا رسميًا لمبادئ خط الاستواء، ، وكان لمصر نصيب جيد من هذا الاهتمام ، حيث ان هناك ثلاث بنوك كبري تتبني مبادىء خط الاستواء ، وهي البنك العربي الافريقي ، بنك الاسكندرية ، البنك التجاري الدولي.

 

خامسا : الزام الشركات بتطبيق احكام التشريعات المصرية التي تتضمن بعض الالتزامات القريبة من معايير حقوق الانسان

الشركات ومؤسسات القطاع الخاص  المصرية ملزمة بتطبيق الاشتراطات المتضمنة في القوانين المصرية ، وتتضمن بعض هذه التشريعات نصوص جيدة يمكن البناء عليها  واستثمارها في تحفيز الشركات  على تبني  اطار الامم المتحدة  للاعمال التجارية وحقوق الانسان، حيث تسعي الشركات في اطار التزامها بهذه الاشتراطات لتحديث نظم الادارة والتشغيل بها والحصول على الخدمات والدعم الاستشاري لتكون متوافقة مع احكام القانون ـ

ويشمل ذلك : الالتزام بتطبيق احكام قانون العمل ولائحته التنفيذية وقرارات وزير القوى العاملة في مجال حقوق العمال ، اشتراطات الصحة والسلامة المهنية ، فضلا عن احكام قانون التنظيمات النقابية ( يشمل اللجان النقابية بالشركات)، الالتزام بتطبيق احكام قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 ، الالتزام ببعض ممارسات المسئولية الاجتماعية  للاستفادة من الحوافز المدرجة بقانون الاستثمار وقانون العمل الاهلي

الإجراءات المقترحة لتعزيز التزام مؤسسات الأعمال والقطاع الخاص المصري بقواعد الأمم المتحدة للأعمال التجارية وحقوق الإنسان

هناك حاجة للعمل المشترك من أجل التغلب على الاسباب الجذرية  التي تحد أو تقلل من مبادرة مؤسسات الأعمال والشركات المصرية للانضمام للاتفاق العالمي وتبني قواعد الامم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق الإنسان ،وتمثل هذه الأسباب في ” ضعف الوعي باطار الامم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق الإنسان ، ونقص مساهمة مؤسسات القطاع الخاص في تنفيذ التزامات  حقوق الإنسان ، وحاجة الاطار التنظيمي  اللازم  للحماية للتحديث والتطوير ” .

من هنا، فإن التدخل الشمولي  الذي يستهدف تعزيز تنفيذ التزامات حقوق الإنسان ذات الصلة  بالشركات التجارية وعمل القطاع الخاص ، يستلزم ادراك السياق الكلي  والتحرك في مسارين متكاملين  من جانب الفاعلين المعنيين بهذه القضية كما يلي:-

  • المسار الأول : يتمثل في مراقبة والدعوة لتحسين التدابير والسياسات الحمائية والاطار التنظيمي Regulatory framework المتمثل في التشريعات والاجراءات والقرارات الحكومية المتعلقة بالزام الشركات والقطاع الخاص باحترام حقوق الإنسان وملاءمة وفاعلية اليات الانتصاف وجبر الضرر.
  • المسار الثاني : يتمثل في تحفيز ومساعدة الشركات ومؤسسات القطاع الخاص على فهم وتنفيذ التزاماتها المتعلقة باحترام حقوق الإنسان، ويشمل ذلك بناء القدرات البشرية والإدارية والمؤسسية وتطوير السياسات الداخلية لتصبح متفهمة ومستجيبة لإطار الامم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق الإنسان والمبادىء التوجيهية والمرجعيات التي تستند اليها ( الشرعة الدولية لحقوق الانسان، مبادىء منظمة العمل الدولية)

وفي ضوء ما تم استعراضه في الورقة الحالية، فإن هناك فرص يمكن توظيفها والبناء عليها بشكل جيد، كما أن هناك إجراءات واليات يتطلب استحداثها خلال المرحلة المقبلة، وفي هذا الاتجاه توصي الورقة بما يلي:-

  1. الاستفادة من الطلب القائم demand driven  ، والمتمثل في حاجة مؤسسات القطاع الخاص لتحسين ممارساتها المتعلقة بالاداء البيئي والاجتماعي والحوكمة  استجابة  للقواعد التنظيمية القائمة (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، قرارات هيئة الرقابة المالية ، احكام قانون العمل ، التوافق مع معايير النفاذ للاسواق الواعدة ، التوافق مع المعايير الدولية للاستدامة والعمل المناخي وادارة المخاطر الاجتماعية والبيئية للمشروعات، تعزيز ممارسات المسئولية المجتمعية ) والارتقاء تدريجيا بالسياق وصولا لتعزيز الطلب على التوافق مع  المعايير والمبادىء  المتضمنة في اطار الامم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق  الانسان .
  2. إجراء الدراسات التشخيصية المناسبة لتحديد الفجوات/الاحتياجات القائمة في الاطار التنظيمي والاجرائي والمؤسساتي المتعلق بالاعمال التجارية وحقوق الانسان ، وتصميم التدخلات المناسبة وفقا لمخرجات الدراسة .
  3. بناء الية وطنية متفق عليها للقياس والرصد ومتابعة التزام الشركات باحترام حقوق الانسان
  4. بناء القدرات البشرية والمؤسسية والتنظيمية للحكومة والقطاع الخاص لتمكينهم من تبني وتطبيق اطار الامم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق الانسان .
  5. تعزيز اليات المساءلة والرقابة المستقلة على اجراءات الحماية والاحترام والانتصاف ذات الصلة بالاعمال التجارية وحقوق الانسان  ، وتعزيز دور منظمات المجتمع المدني المستقلة والمؤسسات الوطنية ( المجلس القومي للمرأة ، المجلس القومي لحقوق الانسان ، المجلس القومي للطفولة والامومة ، المجلس القومي لذوي الإعاقة ) في متابعة وتقييم الممارسات في هذا الشأن.
  6. تحديث الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان لتعكس بشكل واضح التزامات مؤسسات الأعمال التجارية في مجال حقوق الإنسان .
  7. تطوير النظم القانونية ذات الصلة بمؤسسات الاعمال التجارية ( قوانين الاستثمار والبورصة والرقابة المالية والعمل والبيئة ..الخ) لتعزيز التوافق مع  القواعد الاممية للاعمال التجارية وحقوق الإنسان .
  8. زيادة وتعزيز المشاركة المصرية في المنتدى السنوي للأعمال التجارية وحقوق الإنسان  التي تنظمه المفوضية السامية لحقوق الإنسان ، وكذلك تعزيز التعاون مع الاليات الاممية المعنية بموضوع الاعمال التجارية وحقوق الإنسان ( فريق العمل المفتوح المعني بالاعمال التجارية وحقوق الانسان).

[1] د. ولاء جاد الكريم ، الشريك المؤسس لمجموعة استدامة للابحاث ودراسات الجدوى، عضو المجلس القومي لحقوق الانسان

القطاع الخاص  والاستجابة لالتزامات حقوق الإنسان

الفرص والتحديات في ضوء ” قواعد الامم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق الإنسان

 والاتفاق العالمي للأمم المتحدة “[1]

تمهيد

هناك علاقة تكاملية بين مسئولية الشركات والقطاع الخاص  من جانب ومسئولية الحكومات عن حقوق الإنسان من جانب، فالدولة مسئولة عن  ” حماية” حقوق الإنسان واتخاذ تدابير وقائية تمنع قيام طرف ثالث كالشركات التجارية بانتهاك حقوق الإنسان، والشركات ملزمة ” باحترام” حقوق الإنسان في ممارساتها واعمالها ، فضلا عن مسئولية الطرفين في اتاحة سبل الانتصاف وجبر الضرر في حالة التعرض لانتهاكات حقوق الإنسان .

لا تقتصر مسئولية  الشركات عن احترام حقوق الإنسان فقط على مراعاة الحقوق المتعلقة بالعاملين فيها، لكنها تتجاوزها الي المجتمعات التي تعمل فيها، وسلاسل التوريد والامداد التي تنتهي عندها ، والاسواق التي تصل اليها، بل وتوظيف الدور المحوري لها في تشجيع الحكومات على حماية حقوق الإنسان .

وقد شهد العقدين الأخيرين  تزايدا ملحوظا في اهتمام الشركات ومؤسسات الأعمال التجارية عبر العالم   بقضايا  حقوق الإنسان والعمل والبيئة ومكافحة الفساد  خاصة في ضوء ارتباط هذه القضايا  بأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة SDGs ، ويستند هذا الاهتمام المتصاعد الي إطارين متكاملين تتبناهما الأمم المتحدة على نطاق واسع وهما الاتفاق العالمي للأمم المتحدة  UN Global Compact  الذي تم اطلاقه عام 1999  لتحفيز الشركات على مواءمة  استراتيجياتها وعملياتها مع عشرة مبادئ عالمية تتعلق بحقوق الإنسان، والعمل، والبيئة ومكافحة الفساد، ، والقواعد التوجيهية المتعلقة بمسؤوليات الشركات وغيرها من مؤسسات الأعمال في مجال حقوق الإنسان  والتي تبنتها الأمم المتحدة  من خلال مجلس حقوق الإنسان عام 2011  وتنص على التزامات الدول والشركات بشأن  حماية واحترام حقوق الإنسان في سياق الأعمال التجارية  .

تتناول الورقة الحالية توصيفا للأسس الحاكمة لعلاقة الشركات التجارية ومؤسسات الاعمال بقضايا حقوق الإنسان، وتقييم مدى تفاعل مؤسسات الاعمال العربية والمصرية مع هذه القضية ، وتحليلا للفرص التي يمكن توظيفها لزيادة معدلات التزام الشركات ومؤسسات الاعمال المصرية  بقضايا حقوق الإنسان والإجراءات المطلوبة في هذا الصدد .

 

الاساس القانوني والقواعد الحاكمة لالتزامات الشركات بمعايير حقوق الإنسان

تتأسس مسئولية الشركات التجارية والقطاع الخاص  عن  احترام وتعزيز حقوق الإنسان، على إطار الأمم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق الإنسان “الحماية والاحترام والانتصاف” (2008) والمبادئ التوجيهية المصاحبة له والتي تبناها مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة (2011) ، فضلا عن الاتفاق العالمي للأمم المتحدة UN Global Compact  والذي تم اطلاقه عام 1999 لدعوة الشركات لمواءمة استراتيجياتها وعملياتها مع عشرة مبادئ عالمية تتعلق بحقوق الإنسان، والعمل، والبيئة ومكافحة الفساد، واتخاذ الإجراءات التي تعزز الأهداف المجتمعية وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة (SDGs). م

وفقا للقواعد المتعلقة بمسؤوليات الشركات عبر الوطنية وغيرها من مؤسسات الأعمال في مجال حقوق الإنسان فإن الدولة  تتحمل المسؤولية الرئيسية عن تعزيز حقوق الإنسان المعترف بها في القانون الدولي وكذلك في القانون الوطني وعن تأمين إعمال هذه الحقوق واحترامها وضمان احترامها وحمايتها، بما في ذلك ضمان أن تحترم الشركات عبر الوطنية وغيرها من مؤسسات الأعمال حقوق الإنسان، الا أن ذات القواعد تطالب مؤسسات الأعمال أن تعمل على تعزيز وحماية وإعمال حقوق الإنسان المعترف بها في القانون الدولي والقانون الوطني، وتتمثل أهم التزامات الشركات في هذا الصدد فيما يلي :-

  • ضمان تكافؤ الفرص والمعاملة على النحو المنصوص عليه في الصكوك الدولية والتشريعات الوطنية ذات الصلة وكذلك في القانون الدولي لحقوق الإنسان، لأغراض القضاء على كافة أشكال التمييز.
  • ضمان الحق في سلامة الاشخاص من خلال عدم ممارسة او استغلال ايا من الجرائم المنصوص عليها في الشرعة الدولية لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني ، وضمان توافق ترتيبات الامن لدى الشركات مع معايير حقوق الإنسان الدولية والقوانين والمعايير المهنية السارية.
  • ضمان حقوق العمال بما يشمل عدم استخدام السخرة أو العمل الجبري ، حماية الاطفال من الاستغلال الاقتصادي،توفير بيئة عمل صحية وامنة ، دفع اجور عادلة تسمح بتوفير مستوى معيشي ملائم، كفالة الحريات النقابية والحق في المفاوضات الجماعية
  • احترام السيادة الوطنية وحقوق الانسان ويشمل ذلك الالتزام بالشفافية والمساءلة وحظر الفساد، وسلطة البلدان التي تعمل فيها هذه المؤسسات، كما يشمل احترام جملة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية  المنصوص عليها .
  • الالتزام بحماية المستهلك من خلال تبني ممارسات نزيهة في مجال الأعمال التجارية والتسويق والإعلان وضمان سلامة وجودة السلع والخدمات التي توفرها.
  • الالتزامات المتعلقة بحماية البيئة والصحة والسلامة العامة واخلاقيات علم الاحياء واهداف التنمية المستدامة .
  • تقدم الشركات عبر الوطنية وغيرها من مؤسسات الأعمال تعويضاً عاجلاً وفعالاً وكافياً إلى الأشخاص والكيانات والمجتمعات المحلية المتضررة من جراء عدم الامتثال لهذه القواعد
  • تتبني الشركات أنظمة داخلية للعمل تتوافق مع هذه القواعد ، وتقديم تقارير دورية عن هذه القواعد ، واتخاذ تدابير لتنفيذها تنفيذاً كاملاً ،وإدراجها في عقودها أو في ترتيباتها أو معاملاتها الأخرى مع المتعاقدين أو مقاولي الباطن أو الموردين أو الحائزين على التراخيص أو الموزعين أو الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين الذين يبرمون معها اتفاقات، كما تخضع مؤسسات الأعمال لعمليات مراقبة وتحقق دورية من جانب الأمم المتحدة وآليات دولية ووطنية أخرى بما في ذلك افادات المنظمات غير الحكومية .

فيما يتعلق بالاتفاق العالمي للأمم المتحدة UN Global Compact  ، فإنه يتضمن 10 مبادىء  مستمدة من الاتفاقيات والمواثيق الرئيسية للأمم المتحدة وهي:

 

  • يجب على الشركات دعم واحترام حماية حقوق الإنسان المعترف بها دولياً؛
  • التأكد من أن الشركات ليست متواطئة في انتهاكات حقوق الإنسان.
  • يجب أن تدعم الشركات حرية تكوين الجمعيات ( النقابات) والاعتراف الفعلي بالحق في المفاوضة الجماعية)
  • القضاء على جميع أشكال العمل القسري والإجباري؛
  • الإلغاء الفعلي لعمل الأطفال؛
  • القضاء على التمييز فيما يتعلق بالتوظيف والمهن.
  • يجب أن تدعم الشركات نهجاً احترازياً إزاء التحديات البيئية؛
  • القيام بمبادرات لتعزيز قدر أكبر من المسؤولية البيئية؛
  • تشجيع تطوير ونشر التقنيات الصديقة للبيئة.
  • يجب أن تعمل الشركات على مكافحة الفساد بجميع أشكاله، بما في ذلك الابتزاز والرشوة.

تقييم مدى اهتمام مؤسسات الأعمال والقطاع الخاص المصري بتبني وتطبيق قواعد حقوق الإنسان

على الرغم من الاهتمام المتزايد بمسئولية الشركات التجارية عن حقوق الإنسان على المستوى الاممي،إلا أن الواقع في  المنطقة العربية وافريقيا يشير الي أن هذه القضية لم تحظي بالاهتمام الكافي ، ولم يتم طرحها على نطاق واسع بالشكل الذي يساهم في تقييم وتحسين الاطار التنظيمي الوطني للحماية من انتهاكات حقوق الإنسان في سياق الاعمال التجارية،وتعزيز  ممارسة القطاع الخاص لمسئولياته  المتعلقة باحترام جقوق الانسان بما يتوافق مع إطار عمل الامم المتحدة.

فيما يتعلق بمصر يبلغ عدد الشركات ومؤسسات الأعمال المصرية التجارية وغير التجارية  المنضمة للاتفاق العالمي للأمم المتحدة 92 كيان من بينهم 8 منظمات أهلية غير حكومية وغير ربحية، وثلاث هيئات حكومية  تنظيمية غير تجارية ، واثنين من الغرف التجارية والاتحادات ، و7 مؤسسات اكاديمية وتعليمية، 5 بنوك، والباقي من شركات القطاع الخاص التي يعمل معظمها في المقاولات والاستثمار العقاري والصناعة والحلول التكنولوجية والاستشارات الموجهه لقطاع الاعمال .

مقارنة بباقي دول المنطقة العربية والافريقية ، فإن ترتيب مصر وفقا لهذا المحور على المستوى الاقليمي يعد متقدم الي حد كبير ، حيث تأتي مصر في الترتيب الثالث  على مستوى الدول العربية  بعد لبنان (193 مؤسسة) الامارات العربية المتحدة (183 مؤسسة) ، ثم مصر (92 مؤسسة)، وتسبق تونس (60 مؤسسة) ، السعودية (47 مؤسسة)  والاردن (43 مؤسسة ) والمغرب (27 مؤسسة) والكويت (27 مؤسسة) ،وقطر  (19 مؤسسة)، والسودان (17 مؤسسة) وسوريا (15 مؤسسة) والعراق (14 مؤسسة) وجنوب السودان (10 مؤسسات) ، اليمن (8 مؤسسات)، سلطنة عمان (7 مؤسسات) ، البحرين ( 7 مؤسسات)  فلسطين ( 7 مؤسسات)، ليبيا ( 3 مؤسسات) والصومال ( 3 مؤسسات)، بينما ليس هناك اي منظمة منضمة من الجزائر وموريتانيا .

وبشكل عام يبلغ عدد  المؤسسات العربية المنضمة للاتفاق العالمي  (802 مؤسسة) بنسبة حوالي 3.7% من اجمالي المؤسسات المنضمة حول العالم .

كما تاتي  مصر في المركز الثالث أفريقيا  بعد كينيا ( 287 مؤسسة)، ونيجريا (131 مؤسسة) وبالتساوي مع جنوب افريقيا ( 92 مؤسسة) .

ولو قمنا بتوسيع النطاق الاقليمي الذي يمكن ان تقارن في سياقه مصر، سنجد ان اقبال مؤسسات الاعمال التجارية وغير التجارية المصرية على الانضمام للاتفاق العالمي واعلان الالتزام بقواعد الامم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق الإنسان ، أكبر بكثير من التزام دول أخرى مهمة في المنطقة  كتركيا  التي لم تنضم ايا من مؤسساتها للاتفاق العالمي ، واسرائيل التي لم ينضم منها سوى 22 مؤسسة فقط فقط وايران التي لم ينضم منها سوى خمس مؤسسات .

وحتى بمقارنة  مصر مع دول متقدمة اقتصاديا في اسيا  وافريقيا سنجد أن الصين والهند واليابان فقط هم من يتفوقوا في اعداد المؤسسات المنضمة للاتفاق العالمي ويسبقوا كينيا و لبنان والامارات ومصر وجنوب افريقيا ، اخذا في الاعتبار التفاوت الشاسع في اعداد المؤسسات التجارية في الصين والهند واليابان مقارنة بمصر .

وبشكل عام تبلغ نسبة المؤسسات المصرية من اجمالي المؤسسات المنضمة للاتفاق  العالمي ( 21400 مؤسسة حول العالم)  0.4% ، بينما تشكل نسبة المؤسسات المصرية من إجمالي المؤسسات العربية الأعضاء 11% .

إلا إنه بشكل مطلق، واتساقا مع ما تمثله مصر من ثقل عربي وافريقي واقليمي وما لها من ريادة وسبق في الالتزام بقواعد واتفاقيات حقوق الإنسان مقارنة بباقي دول المنطقة ، فإن هناك حاجة لمزيد من العمل على توسيع نطاق وزيادة أعداد مؤسسات الاعمال المصرية المنضمة للتفاق العالمي والملتزمة بقواعد الامم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق الإنسان .

من شأن توسيع نطاق المبادرة   بتبني وتطبيق  اطار الامم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق الإنسان في مصر، التأثير ايجابا على قدرة ودور القطاع الخاص في تحقيق التنمية المستدامة في مصر، وبالتبعية التأثير الايجابي على فرص نمو القطاع الخاص في حد ذاته، خاصة في ظل التوسع العالمي في الالتزام بمبادىء ومعايير حقوق الإنسان في سياق الاعمال التجارية.

وفقا للشواهد، فإن التحديات  الرئيسية التي يجب التغلب عليها لتعزيز  مبادرة القطاع الخاص المصري  بالالتزام بإطار  الامم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق الانسان  تتمثل في نقص الوعي بالموضوع ، ضعف الاطار التنظيمي وغياب الالزام القانوني، ضعف دور منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان في الدعوة لتبني الاطار، السمة التاريخية للقطاع الخاص المصري التي تشير الى عدم انخراطه بشكل مباشر في قضايا حقوق الإنسان .

الفرص وتحليل الطلب الحالي لدى القطاع الخاص المصري  نحو الالتزامات الحقوقية

برغم التحديات المشار اليها هناك فرص مواتية يمكن الاستفادة منها والبناء عليها للمساهمة في ” التأسيس ” لممارسات مستجيبة لمعايير حقوق الإنسان في الشركات  التجارية ومؤسسات القطاع الخاص في مصر ، والبدء في اتخاذ خطوات مشجعة نحو تحسين الالتزام بمبادىء الأمم المتحدة التوجيهية  للاعمال التجارية وحقوق الإنسان ، وتمكين القطاع الخاص المصري من زيادة مساهماته في تحقيق التنمية المستدامة.

وعلى الرغم من ان الفرص المشار اليها لا تندرج دائما  بشكل واضح تحت عناوين ومصطلحات صريحة متعلقة ” بمعايير حقوق الإنسان” ، إلا أن محتوياتها ومضامينها تتقارب وتتقاطع الي حد كبير مع  ” متضمنات” إطار الأمم المتحدة للأعمال التجارية وحقوق الإنسان، والمرجعيات الحقوقية الأساسية التي يستند اليها ، وتتمثل اهم هذه الفرص والمبادرات فيما يلي :-

أولا : الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان

توفر الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، بوصفها أول وثيقة وطنية شاملة تتضمن توجهات محددة في مجال حقوق الإنسان، فرصة لدعم مساهمة القطاع الخاص في تنفيذ التزامات حقوق الإنسان ورفع القدرات الوطنية في هذا المجال ، وتتضمن الاتفاقية مجموعة من النتائج المتوقعة التي تتلاقي مع متضمنات إطار الأمم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق الإنسان، وذلك كالتالي:-

 

المحور البنود النتائج المخططة وفقا للاستراتيجية
الحقوق المدنية والسياسية حق تكوين النقابات العمالية والانضمام اليها

–             زيادة قدرات النقابات واللجان النقابية في مجالات المفاوضة الجماعية، وتسوية المنازعات ،الفردية والجماعية، وابرام اتفاقيات العمل الجماعية.

–              بناء قدرات  جميع الأطراف المعنية لدعم تنفيذ الأطر القانونية ذات الصلة بتيسير تسجيل وتوفيق أوضاع النقابات العمالية وفقًا للمحددات القانونية

الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الحق في الصحة –             الحد من الآثار المحتملة للتغيرات المناخية على التنوع البيولوجي، وخدمات النظم الإيكولوجية، وزيادة مشاركة القطاع الخاص في مجال التعامل مع التغيرات المناخية .
الحق في العمل

–              تفعيل دور القطاع الخاص في إعمال الحق في العمل

–             تعزيز معايير العمل اللائق، وبخاصة فيما يتعلق بتوفير ظروف عمل آمنة وصحية، وضمان توفير أجور عادلة، وتعزيز آليات الوساطة والتحكيم، وفض منازعات العمل الجماعية، بما يعزز حقوق العمال.

 

الحقوق الثقافية –             تطوير التشريعات المتعلقة بحماية الملكية الفكرية والتنافسية؛ لتوفير بيئة تمكن الصناعات الثقافية.
حقوق المرأة والطفل وذوي الاعاقة وكبار السن حقوق المرأة

–             تحقيق تكافؤ الفرص للعمل في كافة القطاعات و الصناعات والمهن والاستفادة من قرارات وزارة القوى العاملة التي رفعت الحظر على مشاركة المرأة في بعض الصناعات وفي أوقات العمل لياً ، وتعزيز دور وحدات تكافؤ الفرص.

–             توحيد اجازات  الأمومة في القطاعين العام والخاص،  منع التمييز القائم على الجنس فيما يتعلق بالوصول إلى القروض والتمويل ، والنص على مبدأ المساواة في الأجر عن العمل ذي القيمة المتساوية

–             اقتراح  سياسات وإجراءات لمكافحة التحرش والمضايقات في أماكن العمل، والنص عليها في قانون العمل

حقوق الطفل –             الحد من استمرار الممارسات التي تندرج تحت أسوأ أشكال عمالة الأطفال، وتعزيز إنفاذ القوانين المنظمة لتشغيل الأطفال
حقوق ذوي الاعاقة –             تعزيز وزيادة تطبيق النسبة القانونية 5% المقررة لتشغيلهم وفقًا لقانون الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل كامل، وخفض ساعات عملهم، ساعة يوميًا، وزيادة الاجازات  مدفوعة الأجر

 

ثانيا : الزام الشركات  بالافصاح البيئ  والمجتمعي والحوكمة المتعلقة بالاستدامة والافصاح عن الاثار المالية للتغير المناخي

اصدرت هيئة الرقابة المالية القرار رقم 108 لسنة 2021 لالزام الشركات المقيدة في البورصة  بتقديم تقارير الافصاح  البيئي والاجتماعي والحوكمة ذات الصلة بالاستدامة Environmental Social and Governance (ESG) ، كما يشمل نطاق التطبيق الشركات الخاضعة لرقابة الهيئة التي يزيد رأسمالها عن 100 مليون جنيه ( شركات التأمين ، التمويل العقاري ، الاقراض). ، كما الزم القرار الشركات التي يزيد راسمالها او اسهمها المتداولة  عن 500 مليون جنيه  بتقديم الافصاحات عن الاثار المالية للتغيرات المناخيةTask Force on Climate Financial Disclosure (TCFD)

وتتضمن المعايير المحددة للافصاح  مجموعة من المعايير التي تتلاقي مع متضمنات اطار الامم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق الانسان وهي: التنوع بين الجنسين ونسبة الأجور ،معدل دوران العاملين، عدم التمييز، المعايير العالمية للصحة والسلامة المهنية، عمالة الأطفال والعمالة الجبرية، حقوق العمال، تنوع مجلس الإدارة، الرشوة / مكافحة الفساد السلوك الاخلاقي وميثاق الشرف، خصوصية البيانات ، فضلا عن ما تتضمنه معايير الافصاح عن الاثار المالية للمناخ من جوانب مرتبطة بالحقوق المناخية ( الحوكمة ، تحديد وادارة المخاطر المناخية).

 

 

ثالثا : متطلبات التوافق مع اسواق التصدير التي تشترط تطبيق المعايير الاجتماعية والبيئية

ترتبط مصر باتفاقية شراكة مع التتحاد ا الاوروبي ، ويعد الاتحاد الاوروبي الشريك التجاري الاكبر لمصر، ووفقا للبند الثاني من الاتفاقية ، تقوم العلاقات بين الطرفين وكذلك كافة أحكام هذا الاتفاق على احترام المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان الأساسية كما هى مبينة فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، والذي يرشد سياساتهما الداخلية والدولية ويشكل عنصرا أساسيا لهذا الاتفاق ” ، كما تشترط عدد من الدول الاوروبية تطبيق الشركات المصدرة والتي لديها سماح بالنفاذ للاسواق الاوروبية لمعايير العمل اللائق ومعايير الادارة البيئية والاستدامة .

ويشكل ذلك فرصة جيدة للعمل مع هذه الشركات والغرف التجارية والمجالس التصديرية التي تتمتع بعضويتها  لمساعدتها على تبني وتطبيق  اطار الامم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق الانسان .

رابعا :  التزام  بعض المؤسسات المصرفية بمعايير خط الاستواء

تزايد اهتمام البنوك والمؤسسات المصرفية ومؤسسات القطاع الخاص  المصرية بتبني  المبادىء  والمعايير الدولية المحققة للاستدامة والتي تتعامل مع المخاطر الاجتماعية والبيئية لتمويل المشاريع ، وتعد المبادىء القارية او مبادىء خط الاستواء ، Equator Principles نموذجا ملهما ، وهي مبادئ وضعت من قبل مجموعة من المؤسسات المالية، هذه المبادئ التوجيهية تقدم إطارا لمعالجة المخاطر البيئية والاجتماعية في تمويل المشروعات ،  الغرض من المبادئ هو أن تحجب مشاريع تؤثر سلبيا على البيئة أو الإنسان من أجل الحفاظ على المجتمعات والموائل الطبيعية. وقد تم لاحقًا تحديث المعايير بشكل دوري  لتتوافق مع  معايير أداء مؤسسة التمويل الدولية  بشأن الاستدامة الاجتماعية والبيئية

حتى 2021 ، اعتمدت 126 مؤسسة مالية في 38  دولة اعتمادًا رسميًا لمبادئ خط الاستواء، ، وكان لمصر نصيب جيد من هذا الاهتمام ، حيث ان هناك ثلاث بنوك كبري تتبني مبادىء خط الاستواء ، وهي البنك العربي الافريقي ، بنك الاسكندرية ، البنك التجاري الدولي.

 

خامسا : الزام الشركات بتطبيق احكام التشريعات المصرية التي تتضمن بعض الالتزامات القريبة من معايير حقوق الانسان

الشركات ومؤسسات القطاع الخاص  المصرية ملزمة بتطبيق الاشتراطات المتضمنة في القوانين المصرية ، وتتضمن بعض هذه التشريعات نصوص جيدة يمكن البناء عليها  واستثمارها في تحفيز الشركات  على تبني  اطار الامم المتحدة  للاعمال التجارية وحقوق الانسان، حيث تسعي الشركات في اطار التزامها بهذه الاشتراطات لتحديث نظم الادارة والتشغيل بها والحصول على الخدمات والدعم الاستشاري لتكون متوافقة مع احكام القانون ـ

ويشمل ذلك : الالتزام بتطبيق احكام قانون العمل ولائحته التنفيذية وقرارات وزير القوى العاملة في مجال حقوق العمال ، اشتراطات الصحة والسلامة المهنية ، فضلا عن احكام قانون التنظيمات النقابية ( يشمل اللجان النقابية بالشركات)، الالتزام بتطبيق احكام قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 ، الالتزام ببعض ممارسات المسئولية الاجتماعية  للاستفادة من الحوافز المدرجة بقانون الاستثمار وقانون العمل الاهلي

الإجراءات المقترحة لتعزيز التزام مؤسسات الأعمال والقطاع الخاص المصري بقواعد الأمم المتحدة للأعمال التجارية وحقوق الإنسان

هناك حاجة للعمل المشترك من أجل التغلب على الاسباب الجذرية  التي تحد أو تقلل من مبادرة مؤسسات الأعمال والشركات المصرية للانضمام للاتفاق العالمي وتبني قواعد الامم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق الإنسان ،وتمثل هذه الأسباب في ” ضعف الوعي باطار الامم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق الإنسان ، ونقص مساهمة مؤسسات القطاع الخاص في تنفيذ التزامات  حقوق الإنسان ، وحاجة الاطار التنظيمي  اللازم  للحماية للتحديث والتطوير ” .

من هنا، فإن التدخل الشمولي  الذي يستهدف تعزيز تنفيذ التزامات حقوق الإنسان ذات الصلة  بالشركات التجارية وعمل القطاع الخاص ، يستلزم ادراك السياق الكلي  والتحرك في مسارين متكاملين  من جانب الفاعلين المعنيين بهذه القضية كما يلي:-

  • المسار الأول : يتمثل في مراقبة والدعوة لتحسين التدابير والسياسات الحمائية والاطار التنظيمي Regulatory framework المتمثل في التشريعات والاجراءات والقرارات الحكومية المتعلقة بالزام الشركات والقطاع الخاص باحترام حقوق الإنسان وملاءمة وفاعلية اليات الانتصاف وجبر الضرر.
  • المسار الثاني : يتمثل في تحفيز ومساعدة الشركات ومؤسسات القطاع الخاص على فهم وتنفيذ التزاماتها المتعلقة باحترام حقوق الإنسان، ويشمل ذلك بناء القدرات البشرية والإدارية والمؤسسية وتطوير السياسات الداخلية لتصبح متفهمة ومستجيبة لإطار الامم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق الإنسان والمبادىء التوجيهية والمرجعيات التي تستند اليها ( الشرعة الدولية لحقوق الانسان، مبادىء منظمة العمل الدولية)

وفي ضوء ما تم استعراضه في الورقة الحالية، فإن هناك فرص يمكن توظيفها والبناء عليها بشكل جيد، كما أن هناك إجراءات واليات يتطلب استحداثها خلال المرحلة المقبلة، وفي هذا الاتجاه توصي الورقة بما يلي:-

  1. الاستفادة من الطلب القائم demand driven  ، والمتمثل في حاجة مؤسسات القطاع الخاص لتحسين ممارساتها المتعلقة بالاداء البيئي والاجتماعي والحوكمة  استجابة  للقواعد التنظيمية القائمة (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، قرارات هيئة الرقابة المالية ، احكام قانون العمل ، التوافق مع معايير النفاذ للاسواق الواعدة ، التوافق مع المعايير الدولية للاستدامة والعمل المناخي وادارة المخاطر الاجتماعية والبيئية للمشروعات، تعزيز ممارسات المسئولية المجتمعية ) والارتقاء تدريجيا بالسياق وصولا لتعزيز الطلب على التوافق مع  المعايير والمبادىء  المتضمنة في اطار الامم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق  الانسان .
  2. إجراء الدراسات التشخيصية المناسبة لتحديد الفجوات/الاحتياجات القائمة في الاطار التنظيمي والاجرائي والمؤسساتي المتعلق بالاعمال التجارية وحقوق الانسان ، وتصميم التدخلات المناسبة وفقا لمخرجات الدراسة .
  3. بناء الية وطنية متفق عليها للقياس والرصد ومتابعة التزام الشركات باحترام حقوق الانسان
  4. بناء القدرات البشرية والمؤسسية والتنظيمية للحكومة والقطاع الخاص لتمكينهم من تبني وتطبيق اطار الامم المتحدة للاعمال التجارية وحقوق الانسان .
  5. تعزيز اليات المساءلة والرقابة المستقلة على اجراءات الحماية والاحترام والانتصاف ذات الصلة بالاعمال التجارية وحقوق الانسان  ، وتعزيز دور منظمات المجتمع المدني المستقلة والمؤسسات الوطنية ( المجلس القومي للمرأة ، المجلس القومي لحقوق الانسان ، المجلس القومي للطفولة والامومة ، المجلس القومي لذوي الإعاقة ) في متابعة وتقييم الممارسات في هذا الشأن.
  6. تحديث الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان لتعكس بشكل واضح التزامات مؤسسات الأعمال التجارية في مجال حقوق الإنسان .
  7. تطوير النظم القانونية ذات الصلة بمؤسسات الاعمال التجارية ( قوانين الاستثمار والبورصة والرقابة المالية والعمل والبيئة ..الخ) لتعزيز التوافق مع  القواعد الاممية للاعمال التجارية وحقوق الإنسان .
  8. زيادة وتعزيز المشاركة المصرية في المنتدى السنوي للأعمال التجارية وحقوق الإنسان  التي تنظمه المفوضية السامية لحقوق الإنسان ، وكذلك تعزيز التعاون مع الاليات الاممية المعنية بموضوع الاعمال التجارية وحقوق الإنسان ( فريق العمل المفتوح المعني بالاعمال التجارية وحقوق الانسان).

[1] د. ولاء جاد الكريم ، الشريك المؤسس لمجموعة استدامة للابحاث ودراسات الجدوى، عضو المجلس القومي لحقوق الانسان